الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

لحظةٌ من فضلك

لحظةٌ من فضلك
نادية خلوف المرسلة نانسي 
ما هو السؤالُ الذي ترغبُ أن أجيبَك عليهِ ؟ قلْ لي كي
 أجيبَك وننهي هذه المسألةَ التي أرهقتنا كثيراً .
- ماذا أريدُ من الحياةِ ؟ أريدُ كلَّ شيءٍ ،  ولا أريدُ شيئاً .
 - لم تقتنعْ بإجابتي ! حسناً . قل:  ماذا تريدُ أنتَ ؟
- أن أفهمَك ،  وأحسِّنُ أدائي تجاهكَ !
  -  معكَ حقٌ . لكن من حقي أن أسألََك أينَ هوَ التقصيرُ ؟
-  تقولُ:  أنّني أختلفُ معكَ  حولَ قيادةِ الأسرةِ !
- هذه حجةٌ واهيةٌ تستحضرُها كلما طلبتُ منكَ أن تقومَ بواجباتكَ تجاهَ الأسرةِ . أبحثُ عنك ليلَ نهار لأسلّمَكَ القيادةَ بينما أنتَ مع امرأةٍ أخرى تحدثُها في الحبِّ والهوى. تكتبُ لها قصائدَ الشعرِ . هي فتاةُ هوى ربما تكونُ هذهِ مهنتها . لا ألومُها . ليس مطلوبٌ مني أن أعيدَ تربيتَها على الفضيلةِ والقيمِ . مازلتُ أتحدّثُ عن القيمِِ وفقَ مفهومي الساذج ، وكأنّ القيمَ أمرٌ ثابتٌ . ألا يمكنُ أن يسجِّلَ  التاريخُ بصمةً  لملهمتِكَ في تحديثِ القيمِ ؟
 نعم . ذهني لا يستوعبُ الأمورَ فما زلتُ أؤمن بالمحبةِ والإخلاصِ والعطاءِ . هل يمكنُني اعتبارُ هذا ضمنَ القيمِ الحاليةِ ؟ أراكَ تبتسمُ ساخراً من عفويتي  . لكن عليكَ أن تقولَ لي لماذا تأتي  في كلِّ ليلةٍ معبقاً برائحةِ الدخانِ أو رائحة الفجورِ ؟ ألا يمكنُكَ الوضوءُ بعد الانتهاءِ من تلكَ الصلاةِ  اليوميةِ ؟  وتأتي نظيفاً طاهراً لا تستفزني ِ .
   - أسمعكَ تقولُ أنكَ هربت مني لأنّني انتقصتُ من حقوقِك ، ولأنَّ لساني سليطٌ .
علمْني إذن كيف أكونُ رقيقةً معكَ عندما أتكلمُ بأشياءٍ جوهريةٍ وتصمتُ كي أنهي حديثي بسرعةٍ.
 هناكَ حكايةٌ تقول : العقلُ يتعوّدُ على ما يتدربُ عليهِ ، وتربيةُ الأطفالِ في الأسرةِ لا تتمُّ بالتوجيه  ، بل بالتربيةِ المصاحبةِ . كان صاحبُ هذه المقولاتِ رجلٌ يسمى "بعالم نفس " . أنت ربيتَ أذني على كلماتٍ كنتُ أستهجنُها فأصبحتُ أستعملُها . ربما أكونُ الوحيدةُ بين النساءِ التي تحبُّ رجلا يظلمُها . هو مرضٌ موجودٌ في الحياةِ  أحبكَ وأنظرُ إليكَ نظرةً قدسية حتى عندما يكونُ بين ذراعيك امرأة أخرى . اقتنعتُ أنّكَ خصّصتني لتربيةِ الأطفالِ  أقول : يا للمسكين ! لقد ظلمتُه معي . لا أتفرغُ لراحتِه . فهل أمومتي أهمُّ منه ؟

أنتَ محقٌ في كلِّ أمر . لمَ لا . إن لم أقبلْ بذلك سيُفتضحُ سّرُنا . تربيتُ على الكتمانِِ كي يقولَ الناسُ عنّا أنّنا عائلةٌ مثالية . أرى ابتسامتََك المزيفة عندما تتحدّثُ بمصطلحاتِ العصرِ عنِ الذكورةِ والأنوثةِ . لا أطلبُ منكَ ذلك السقفَ العالي من الشعاراتِ الذي تطرحُه على الملأ . أريدُ أقلَّ منه بكثيرٍ . بكثيرٍ . بعضُ الأشياءِ البسيطةِ فقط . يحضرُ إلى ذهني أنّه لم يكن عندي اليومَ ثمنُ الغذاءِ لأولادي . هل لكَ أن تعطيني ثمنَه ؟  تقولُ أنّ الظروفَ الماليةَ صعبةٌ  . ثمنُ سجائرِك يجلبُ لنا أكثرَ من ربطةِ خبزٍ . أنت زوجي لن أتحدثَ عنك بالسوء . أوصتني أمي على الدوام :  أنّ مكانَ  المرأة بيتُ زوجها إلى أن تحينَ وفاتُها "من بيتِها إلى قبرِها " !
- أرغبُ يا زوجي العزيز أن أتخلى عن نعمةِ الزواجِ بك . مع أنّك تكبرُني بأكثرِ من عشر سنواتِ .  إلا أنكَ  مازلتَ تعتقدُ أنك ذلكَ الشابُّ الملهِمُ للفتياتِ  . ما يدفعُني إلى البقاءِ معكَ هو تلكَ القلوب التي تنبضُ بالحياةِ .  هم أطفالنا أنا وأنتَ  ، أو ربما أطفالي فقط .  فهم دائماً يسألونَ عنك . يرغبونَ أن تكونَ والدَهم ليحبّوك . هم يحبونك فعلاً . يريدون أن يقبلّوكَ قبلةَ الصباح . لكنكَ تكونُ نائماً . وكلما تركتُكَ  راغبةً في الرحيلِ عنكَ . يركضونَ خلفي ليعيدوني . مع أنني لن أترككَ  الآنَ على الأقلِّ  . من أجلِ عيونِهم ، فلمن أتركُهم وأنتَ غيرُ موجودٍ ؟
جاءَ دورُكَ . إنّني منفتحةٌ جداً للحديثِ معكَ . أرغبُ بتسويةِ هذهِ المسألة . تتحدثُ عن قيادةِ الأسرةِ وأنّني سلبتُك إياها . أرجوكَ خذْها . كن أنتَ القائدَ الملهمَ . سأكونُ تحتَ قيادتِك . عليكَ أن تقودَنا  من داخلِ منزلِنا .  بالحكمِة والمحبةِ وإنفاقِ  المالِ على ضرورياتِنا وحسب الإمكانياتِ التي تعلمُنا بها بصدقٍ .
ماذا ؟ طبقتَ البابَ ورحلتَ . هربتَ . القيادةُ برأيكَ هي كما تفعلُ بنا . صراخٌ وضجيجٌ . وعيدٌ وتهديدٌ ، أو صمتٌ يستفزُّنا لنخرجَ من جلودنا . وخرجتَ ! أم هربتَ من المسؤوليةِ ؟  إنك تنفقُ الكثيرَ عليها أو عليهنَّ . تقولُ أنكَ  أديبٌ أو فنانٌ أو ثريٌ من حقّهِ أن يشعرَ بالحبِّ كي يستطيعَ العطاءَ . اكتبْ يا سيدي مرةً واحدةً عن معاناتي أو ارسمني بثيابي القديمةِ باكيةًً أستجديكَ ، أو دعني أجلسُ قربَ بوابةٍ تتصدقُ من مالكَ عليَّ  . تكتبُ القصصَ  تشبِّهُ فيها المرأةَ بالآلهةِ ، وترسمُ اللوحاتِ عن الفاتناتِ وليس بينهن جميلة .
سيدي أرجوكَ أن تنصفََني في لقمةِ عيشنا على الأقل ولا تستغلُّ عداء النساء لبعضهن ، وتخلفهنّ . أنت لست مسؤولاً عن تخلفِ المرأة . مسؤول فقط عن تخلُّفكَ أنتَ . لقد ربّتكَ امرأةٌ ضحتْ بكلِ ما لديها إلا تخلفها  . أنت نتاجُ النساءِ بجدارةٍ . والدُكَ لم يكن ماجناً مثلكَ . كانَ يعيشُ الحياةَ الصوفيةَ كي يهربَ من المسؤولية . إنكما وجهانِ لعملةٍ واحدةٍ  ، أو ضحيتانِ لتربيةِ امرأةٍ علمتكَما أنّ الرجولةَ هي عِنْدٌ في السيطرةِ على عقلِ المرأة ، وأنا أرغبُ في أن يكون عقلي حراً . سيطرْ على قلبي .عواطفي .  جسدي . بمحبتك لي ، لكن عقلي لي  وهوَ الذي يسيّرُني فلا أملُكُ أمرَهُ لتسيطرَ  أنتَ عليهِ . أنتَ تربيةُ امرأةٍ علّمتكَ أن تتركَ قلبي للريح حتى تكونَ رجلاً . هي عاشتْ حالتي أحبتْ أن تنتقمَ من نفسِها بانتقامِها مني  . أمي أيضاً ربتني على أن أعطي عقلي وجسدي وعمري لمن أتزوجُهُ وأنسى من أنا . لكنّك أعدتَ تربيتي فأضفتَ لي قلةَ احترامي لذاتي . وخجلي من جنسي وحياتي .

عدتَ تسترقُ السمعَ إلي من خلفِ الباب . وتضحكُ! على ماذا ؟  على تكراري للكلماتِ . أم على استفزازكَ لي وتركي أتكلمُ مع نفسي كالمجانين . لحظةٌ لو سمحتَ . سأعلِّمُكَ آدابَ الحديثِ . أن تسمعَ لي بعقلِكَ وقلبكَ وأن تتعاطفَ معي . تقولُ : لا أستطيعُ! وتفخرُ بأن تكونَ حالةً مستعصيةً في تعلُّم فنِّ الحديثِ والاستماع !
إذن سأكونُ مضطرةً لأعلّمَكَ  آدابَ الحديثِ . بصمتٍ . بصمتٍ . سأبحثُ عن كلّ الأشياءِ التي تملكُها . يا للهول! ليس لكَ في غرفةِ نومِنا سوى وسادة . إنّني مترددةٌ هل أبقيها على سريرنا أم أقذفُ بها جهةَ المطبخِ. يعزُّ علي ذلكَ . سأتسامحُ معكَ . كنْ حبيبي أرجوك،  فليس لي غيركَ في هذهِ الدنيا . لن تكونَ!  أسمعُكَ تقولُ ذلكَ همساً . ستعلّمُني الدرسَ !  أتسخرُ من مشاعري ؟  أنت لستَ معي سواءَ رجوتُك أم لا . وأنا عالقةٌ في هذهِ الورطةِ التي تسمى زواجاً .  لا أعرفُ كيفَ أتصرفُ ،  لكن علي أن أتصرفَ كي يهدأ قلبي . كي لا أعدُّ  الساعاتِ لأغمضَ عيني فورَ وصولك مدّعيةً النوم . يديَّ ترتجفانِ .  لا تحبُّ أن تقذفَ بالوسادةِ ، وقلبي يتمزقُ كيف سأترككَ وحيداً في ليالي الصقيعِ . لكنّني سأفعلُ ما يجبُ أن يكون . أنتَ مطرودٌ من حياتي إلى إشعارٍ آخر . كلُّ مالكَ عندي وسادةٌ تضعُ رأسكَ فوقَها في الليلِ فكّرْ في الأمرِ جيداً ومعكَ العمر كلّهُ. هذا البيتُ لي . الأولادُ لي . لن يستطيعَ أيّ قانونٍ في الدنيا أن يجبرُني على تركِهِ .أو تركهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق